غزة- الحضارة الإسلامية تسمو على وحشية الحرب الإسرائيلية.
المؤلف: طلال صالح بنان10.02.2025

إن الهدنة المتفق عليها بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، والتي تستعد للدخول في طورها الثاني، رهنًا بالتزام الطرفين، وبالأخص الجانب الإسرائيلي، بهذه الهدنة، تجسد الخلفية الثقافية والحضارية العميقة لكلا الطرفين، ولا تحصر جذور الصراع في مجرد العنف الظاهر، أو في سلوكيات الطرفين في إدارة الأزمة العنيفة التي شهدتها الجولة الأخيرة من الصراع، والتي امتدت لما يربو على خمسة عشر شهرًا منذ اندلاع شرارتها في السابع من أكتوبر عام ألفين وثلاثة وعشرين.
فالحرب، بصرف النظر عن جانبها الوحشي الذي يطغى على تصرفات أطرافها المباشرة عند الاشتباك في ميدان المعركة، لا تنفي مطلقًا حقيقة جوهرية، وهي أن الحرب، في نهاية المطاف، سلوك إنساني وحضاري تحكمه ضوابط وأطر قانونية وأخلاقية دولية وإنسانية تهدف إلى تقليل الخسائر والآثار الناجمة عن العنف الناجم عن العمليات الحربية، إلى أدنى مستوى ممكن، وذلك في حال تعذر تجنب نشوب الحرب من الأساس.
لذا: غالبًا ما تعكس التحركات العنيفة للحرب، جزءًا لا يتجزأ من ثقافة وخلفية الأطراف المعنية بشكل مباشر. فالنصر الحقيقي لا يكمن فقط في إلحاق الهزيمة العسكرية بأحد الأطراف، بل الأهم من ذلك: هو إثبات التفوق الحضاري والثقافي في إدارة دفة الحرب. فالتاريخ لا يسجل فقط أسباب الحروب وعواقبها، بل يسجل أيضًا: الجدال الدائر حول مشروعيتها، بالإضافة إلى إبراز تميز أحد الأطراف على الآخر، ومدى التزامه بالقوانين والأعراف والقيم السائدة في خوض المعارك. إذن، الحرب ليست مجرد سلوك حيواني غريزي، كما تتنافس الكباش للفوز بالإناث، بل هي سلوك بشري في المقام الأول والأخير، يعكس قيم الثقافة ومستوى التقدم الحضاري الذي يتمتع به أطرافها.
وفي حرب غزة الأخيرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، والتي حظيت بمتابعة عالمية مباشرة، تجلى بوضوح مدى التميز الثقافي للحضارة العربية الإسلامية، مقارنة بما يسمى بالحضارة الغربية الزائفة. ففي البداية، أظهر الفلسطينيون تفوقًا ملحوظًا في هذه الحرب، وذلك من خلال التزامهم الصادق بأي اتفاق يتم التوصل إليه عبر المفاوضات، بما يتضمنه من حقوق وواجبات تجاه طرفي النزاع. وفي المقابل، لم يبد الإسرائيليون أي بادرة حسن نية في تنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار، بل أظهروا تهورًا وتعنتًا، مستندين إلى القوة الغاشمة. ولولا أن الفلسطينيين أخذوا في الحسبان هذه الصفة السلبية في سلوك الإسرائيليين، من خلال احتفاظهم بأوراق ضغط عملية ومؤثرة، لإجبار الإسرائيليين على احترام الاتفاق، لفشل مشروع اتفاق وقف إطلاق النار منذ اللحظة الأولى لتنفيذه، وبالتالي استئناف الحرب من جديد.
وفيما يتعلق ببنود تبادل الأسرى، يظهر جليًا التفوق الحضاري لثقافة العرب والمسلمين على ثقافة الغرب المزعومة، وينكشف زيف الأخيرة ونفاقها بشكل أوضح من أي وقت مضى. فبدايةً: فيما يتعلق بمعاملة الأسرى. فقد ظهر الأسرى الإسرائيليون، أثناء مراسم تسليمهم للصليب الأحمر، في أبهى حلة.. ظهر الأسرى الإسرائيليون لدى المقاومة الفلسطينية وهم يتمتعون بصحة جيدة، ولا تظهر عليهم آثار تعذيب جسدي أو نفسي، أو إهانة تمس كرامتهم الإنسانية. بل إن السيدات من الأسرى الإسرائيليين ظهرن في أبهى صورة، وكأنهن قادمات من إجازة ممتعة، أو من صالونات تجميل فاخرة، وليسوا خارجين للتو من الأسر.
لقد ترك هذا المشهد أثرًا عميقًا في نفوس الأسرى الإسرائيليين، مما عكس احترامهم لآسريهم وإشادتهم بأخلاقهم الرفيعة وحسن معاملتهم. لقد أقر الأسرى الإسرائيليون بهذا التفوق الحضاري لآسريهم، الأمر الذي فاق توقعاتهم وتصوراتهم. بل إن إحدى الأسيرات، عند عودتها إلى بيتها بصحبة زوجها، صرحت بأن آسريها (الفلسطينيين) قاموا بمعالجة زوجها من مرض عضال كان يعاني منه، وقد عجز الأطباء في إسرائيل عن علاجه! ولا يفوتنا هنا: أن نشير إلى مشاعر الشكر والامتنان التي أظهرها الأسرى الإسرائيليون لآسريهم لحظة وداعهم.
دعونا نقارن هذا السلوك الحضاري من قبل المقاومة الفلسطينية بكيفية معاملة السلطات الإسرائيلية للأسرى والسجناء الفلسطينيين، قبل الإفراج عنهم وأثناء الإفراج عنهم وعند وصولهم إلى منازل ذويهم. لقد كان تصرفًا لا يخلو من غطرسة عنصرية وتنكيل متعمد، و"وجبة" تعذيب مكثفة قبل الإفراج عنهم. فضلًا عن منع ذوي الأسرى الفلسطينيين من التعبير عن فرحتهم بإطلاق سراح أبنائهم وآبائهم وبناتهم وأمهاتهم من السجون الإسرائيلية، حيث ظهر الكثيرون منهم وهم في حالة إعياء ومرض ومهانة وسوء معاملة طالت آدميتهم وكرامتهم.
صور تجسد الفروق الحضارية والثقافية الشاسعة بين العرب والمسلمين وبين تلك التي تعكس قيم العنصرية والكراهية للإنسانية والسلام لدى الصهاينة، وهي الفروق التي تحاول "بروباغاندا" وسائل الإعلام الغربية تجاهلها، بل وحتى إنكارها، تمامًا كما حدث من تزييف وقلب للحقائق وافتراءات في أحداث يوم السابع من أكتوبر عام ألفين وثلاثة وعشرين، عندما زُعم أن رجال المقاومة ارتكبوا يومها جرائم حرب شنيعة من قبيل قطع رؤوس الأطفال الرضع واغتصاب النساء، وما إلى ذلك من افتراءات وأكاذيب، رددها في البداية البيت الأبيض، وما لبث أن تنصل منها بعد ذلك.
نماذج من السلوكيات المتبعة في إدارة الحرب أظهرت مدى إنسانية وأخلاقية واحترافية الثقافة والحضارة العربية الإسلامية، مقارنة بتلك التي صدرت من الصهاينة.. فوارق ثقافية وحضارية جوهرية، تعكس مدى تفوق الحضارة العربية والإسلامية على ثقافة وحضارة الغرب العنصرية المنافقة المعادية للإنسانية وللحرية والسلام.
فالحرب، بصرف النظر عن جانبها الوحشي الذي يطغى على تصرفات أطرافها المباشرة عند الاشتباك في ميدان المعركة، لا تنفي مطلقًا حقيقة جوهرية، وهي أن الحرب، في نهاية المطاف، سلوك إنساني وحضاري تحكمه ضوابط وأطر قانونية وأخلاقية دولية وإنسانية تهدف إلى تقليل الخسائر والآثار الناجمة عن العنف الناجم عن العمليات الحربية، إلى أدنى مستوى ممكن، وذلك في حال تعذر تجنب نشوب الحرب من الأساس.
لذا: غالبًا ما تعكس التحركات العنيفة للحرب، جزءًا لا يتجزأ من ثقافة وخلفية الأطراف المعنية بشكل مباشر. فالنصر الحقيقي لا يكمن فقط في إلحاق الهزيمة العسكرية بأحد الأطراف، بل الأهم من ذلك: هو إثبات التفوق الحضاري والثقافي في إدارة دفة الحرب. فالتاريخ لا يسجل فقط أسباب الحروب وعواقبها، بل يسجل أيضًا: الجدال الدائر حول مشروعيتها، بالإضافة إلى إبراز تميز أحد الأطراف على الآخر، ومدى التزامه بالقوانين والأعراف والقيم السائدة في خوض المعارك. إذن، الحرب ليست مجرد سلوك حيواني غريزي، كما تتنافس الكباش للفوز بالإناث، بل هي سلوك بشري في المقام الأول والأخير، يعكس قيم الثقافة ومستوى التقدم الحضاري الذي يتمتع به أطرافها.
وفي حرب غزة الأخيرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، والتي حظيت بمتابعة عالمية مباشرة، تجلى بوضوح مدى التميز الثقافي للحضارة العربية الإسلامية، مقارنة بما يسمى بالحضارة الغربية الزائفة. ففي البداية، أظهر الفلسطينيون تفوقًا ملحوظًا في هذه الحرب، وذلك من خلال التزامهم الصادق بأي اتفاق يتم التوصل إليه عبر المفاوضات، بما يتضمنه من حقوق وواجبات تجاه طرفي النزاع. وفي المقابل، لم يبد الإسرائيليون أي بادرة حسن نية في تنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار، بل أظهروا تهورًا وتعنتًا، مستندين إلى القوة الغاشمة. ولولا أن الفلسطينيين أخذوا في الحسبان هذه الصفة السلبية في سلوك الإسرائيليين، من خلال احتفاظهم بأوراق ضغط عملية ومؤثرة، لإجبار الإسرائيليين على احترام الاتفاق، لفشل مشروع اتفاق وقف إطلاق النار منذ اللحظة الأولى لتنفيذه، وبالتالي استئناف الحرب من جديد.
وفيما يتعلق ببنود تبادل الأسرى، يظهر جليًا التفوق الحضاري لثقافة العرب والمسلمين على ثقافة الغرب المزعومة، وينكشف زيف الأخيرة ونفاقها بشكل أوضح من أي وقت مضى. فبدايةً: فيما يتعلق بمعاملة الأسرى. فقد ظهر الأسرى الإسرائيليون، أثناء مراسم تسليمهم للصليب الأحمر، في أبهى حلة.. ظهر الأسرى الإسرائيليون لدى المقاومة الفلسطينية وهم يتمتعون بصحة جيدة، ولا تظهر عليهم آثار تعذيب جسدي أو نفسي، أو إهانة تمس كرامتهم الإنسانية. بل إن السيدات من الأسرى الإسرائيليين ظهرن في أبهى صورة، وكأنهن قادمات من إجازة ممتعة، أو من صالونات تجميل فاخرة، وليسوا خارجين للتو من الأسر.
لقد ترك هذا المشهد أثرًا عميقًا في نفوس الأسرى الإسرائيليين، مما عكس احترامهم لآسريهم وإشادتهم بأخلاقهم الرفيعة وحسن معاملتهم. لقد أقر الأسرى الإسرائيليون بهذا التفوق الحضاري لآسريهم، الأمر الذي فاق توقعاتهم وتصوراتهم. بل إن إحدى الأسيرات، عند عودتها إلى بيتها بصحبة زوجها، صرحت بأن آسريها (الفلسطينيين) قاموا بمعالجة زوجها من مرض عضال كان يعاني منه، وقد عجز الأطباء في إسرائيل عن علاجه! ولا يفوتنا هنا: أن نشير إلى مشاعر الشكر والامتنان التي أظهرها الأسرى الإسرائيليون لآسريهم لحظة وداعهم.
دعونا نقارن هذا السلوك الحضاري من قبل المقاومة الفلسطينية بكيفية معاملة السلطات الإسرائيلية للأسرى والسجناء الفلسطينيين، قبل الإفراج عنهم وأثناء الإفراج عنهم وعند وصولهم إلى منازل ذويهم. لقد كان تصرفًا لا يخلو من غطرسة عنصرية وتنكيل متعمد، و"وجبة" تعذيب مكثفة قبل الإفراج عنهم. فضلًا عن منع ذوي الأسرى الفلسطينيين من التعبير عن فرحتهم بإطلاق سراح أبنائهم وآبائهم وبناتهم وأمهاتهم من السجون الإسرائيلية، حيث ظهر الكثيرون منهم وهم في حالة إعياء ومرض ومهانة وسوء معاملة طالت آدميتهم وكرامتهم.
صور تجسد الفروق الحضارية والثقافية الشاسعة بين العرب والمسلمين وبين تلك التي تعكس قيم العنصرية والكراهية للإنسانية والسلام لدى الصهاينة، وهي الفروق التي تحاول "بروباغاندا" وسائل الإعلام الغربية تجاهلها، بل وحتى إنكارها، تمامًا كما حدث من تزييف وقلب للحقائق وافتراءات في أحداث يوم السابع من أكتوبر عام ألفين وثلاثة وعشرين، عندما زُعم أن رجال المقاومة ارتكبوا يومها جرائم حرب شنيعة من قبيل قطع رؤوس الأطفال الرضع واغتصاب النساء، وما إلى ذلك من افتراءات وأكاذيب، رددها في البداية البيت الأبيض، وما لبث أن تنصل منها بعد ذلك.
نماذج من السلوكيات المتبعة في إدارة الحرب أظهرت مدى إنسانية وأخلاقية واحترافية الثقافة والحضارة العربية الإسلامية، مقارنة بتلك التي صدرت من الصهاينة.. فوارق ثقافية وحضارية جوهرية، تعكس مدى تفوق الحضارة العربية والإسلامية على ثقافة وحضارة الغرب العنصرية المنافقة المعادية للإنسانية وللحرية والسلام.